العقارات

كيف يشير قانون ملكية العقارات الجديد في المملكة العربية السعودية إلى تحول في استراتيجية الاستثمار الأجنبي

اتخذت المملكة العربية السعودية مؤخرًا خطوة بارزة في إصلاح أنظمة الملكية الأجنبية، وخاصة فيما يتعلق بالعقارات، مما يعكس أهدافها الأوسع للتنويع الاقتصادي في إطار رؤية 2030. في أوائل يوليو، وافق مجلس الوزراء السعودي على قانون جديد لملكية العقارات يوسع بشكل كبير حقوق الأفراد والكيانات الأجنبية في امتلاك العقارات في المملكة.

سبق للمملكة العربية السعودية أن طبّقت سياساتٍ مُحدّدة بشأن تملك الأجانب للعقارات، حيث سمحت بهذه الحقوق فقط ضمن فئاتٍ وشروطٍ مُحدّدة. ورغم وجود قيودٍ على الأجانب والشركات، سُمح بالتملك في حالاتٍ مُحدّدة، منها:

  • حاملي الإقامة المميزة، الذين يمكنهم امتلاك العقارات لأغراض سكنية وتجارية وصناعية خارج المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، مع السماح بحقوق الانتفاع داخل هاتين المدينتين لمدة تصل إلى 99 عاماً.
  • المطورين الأجانب المرخص لهم والذين يعملون بموجب موافقات محددة.
  • المستثمرون الأجانب الحاصلون على إقامة سارية المفعول، ويخضعون لترخيص وزارة الداخلية.
  • – التملك غير المباشر من خلال صناديق العقارات أو الأسهم في الشركات السعودية المدرجة.
  • – مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي والشركات التي كانت تتمتع بحقوق ملكية مماثلة للمواطنين السعوديين، بما في ذلك ملكية الأراضي الخاضعة لشروط التطوير.

وقد تم تصميم هذه القواعد لحماية المصالح الوطنية والسيطرة على سوق العقارات مع السماح بمشاركة أجنبية محدودة تتماشى مع الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.

قانون ملكية العقارات لعام 2025: الميزات والابتكارات الرئيسية

يُمثل قانون ملكية العقارات الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2026، نقلة نوعية من خلال توسيع نطاق حقوق الملكية الأجنبية ضمن إطار منظم ومُنظّم. ويتماشى القانون مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، الهادفة إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة المعروض العقاري، وتحفيز النمو الاقتصادي.

النطاق الجغرافي والمناطق

  • المناطق المحددة: سيتم السماح للأفراد والكيانات الأجنبية بشراء العقارات في مناطق جغرافية محددة، مع الإشارة صراحة إلى الرياض وجدة كمركزين أوليين.
  • مكة المكرمة والمدينة المنورة: تظل الملكية في هاتين المدينتين المقدستين خاضعة لضوابط تنظيمية إضافية بسبب أهميتها الدينية.
  • وتتولى الهيئة العامة للعقارات تحديد هذه المناطق وإصدار اللوائح التنفيذية لها خلال 180 يوماً من تاريخ نشر القانون.

توسيع حقوق الملكية

  • يسمح النظام لغير السعوديين (أفراداً وكيانات اعتبارية) بتملك العقارات بشكل مباشر في مناطق محددة.
  • وهو يكمل الأذونات الموجودة (مثل الإقامة المميزة وحقوق الملكية في دول مجلس التعاون الخليجي) بدلاً من استبدالها.
  • يمكن للشركات الأجنبية امتلاك العقارات اللازمة للعمليات التجارية، بما في ذلك المكاتب ومساكن الموظفين، مع مراعاة التراخيص والموافقات التنظيمية.
  • يتعين على المستثمرين الأجانب المشاركين في تطوير العقارات الالتزام بعتبات الاستثمار (على سبيل المثال، الحد الأدنى للاستثمار 30 مليون ريال سعودي) ومواعيد التطوير النهائية (الانتهاء في غضون خمس سنوات). 

الضوابط التنظيمية والإجرائية

  • وينص القانون على ضوابط إجرائية صارمة لحماية مصالح المواطنين السعوديين وضمان توازن السوق.
  • ستقوم الهيئة بنشر اللائحة التنفيذية التفصيلية على منصة الاستشارة العامة “استطلاع”، موضحة:
    • المناطق المؤهلة للملكية الأجنبية.
    • معايير التقديم والأهلية.
    • آليات الامتثال والتنفيذ.
  • ويضمن القانون التوافق مع الأطر الأخرى، بما في ذلك قانون الإقامة المميزة وقواعد الملكية الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي.

الأهداف الاستراتيجية

  • جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال فتح سوق العقارات أمام المستثمرين والمطورين العالميين.
  • زيادة المعروض من العقارات وتوافر السكن لتلبية الطلب المتزايد.
  • دعم التنوع الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط كجزء من رؤية 2030.
  • تعزيز تنظيم السوق لحماية المصالح الوطنية والحفاظ على التوازن الاجتماعي.

التداعيات على المستثمرين الأجانب وسوق العقارات السعودي

ومن المتوقع أن يؤدي القانون الجديد إلى إحداث تحول في المشهد العقاري في المملكة العربية السعودية من خلال:

  • تسهيل المشاركة الأجنبية في قطاع يتمتع بنمو مرتفع، وجذب رأس المال والخبرات الدولية.
  • تشجيع الاستثمار المؤسسي ومشاريع التنمية واسعة النطاق.
  • تعزيز السيولة والعرض في المراكز الحضرية الرئيسية، ودعم احتياجات البنية التحتية السكنية والتجارية.
  • تعزيز الشفافية والوضوح التنظيمي من خلال اللوائح التنفيذية التفصيلية والمشاورات العامة.
  • – الحفاظ على الحساسيات الثقافية والاجتماعية من خلال فرض شروط خاصة على الملكية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

توسيع نطاق الوصول للمغتربين على المدى الطويل

صرح فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم الأبحاث في نايت فرانك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لصحيفة إيكونومي ميدل إيست ، قائلاً: “كانت التغييرات التي أُعلن عنها مؤخرًا في المملكة العربية السعودية متوقعة منذ فترة طويلة، وهي جزء أساسي من رؤية 2030، لذا لم تكن مفاجئة. كان أحد أهداف رؤية 2030 توفير مساكن عالمية المستوى للمواطنين السعوديين، مع هدف مرجعي يتمثل في تحقيق معدل تملك منازل بنسبة 70% بحلول عام 2030. نحن حاليًا في نطاق 60%، لذا فإن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف”. 

وأشار دوراني إلى أن أحد ركائز رؤية 2030 هو تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد السعودي وسوق العقارات، وإحدى الطرق لتحقيق ذلك هي فتح الباب أمام المستثمرين والمشترين الدوليين.

ما زلنا ننتظر التفاصيل الدقيقة لتغيير القانون، ولكن حسب فهمنا لما أُعلن عنه، سيقتصر على مناطق أو أحياء استثمارية محددة في الرياض وجدة. كما ستكون هناك قواعد خاصة تُنظّم ملكية العقارات الدولية في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وأكد دوراني أن القانون الجديد هو مجرد طريق آخر للمشترين والمستثمرين الدوليين، حيث يمكنهم بالفعل الوصول إلى سوق العقارات في المملكة العربية السعودية.

“يستطيع المغتربون الذين يعيشون ويعملون في المملكة على المدى الطويل شراء منزل، مع بعض الشروط المرفقة: يجب أن يعيشوا فيه ويجب أن يبيعوه إذا قرروا مغادرة المملكة.” 

تعزيز نشاط الاستثمار

وذكر دوراني أيضًا أنه في يناير الماضي، تم تقديم خيارات جديدة لتأشيرة الإقامة المميزة، وكان أحدها مرتبطًا بشكل مباشر بملكية العقارات. 

وكانت الشروط المرفقة صارمة للغاية: الحد الأدنى لقيمة الشراء 4 ملايين ريال سعودي، ويجب أن يكون العقار مكتملًا، ويجب ألا يكون عليه أي رهن أو ديون. 

مع ذلك، من أهم التغييرات التي لاحظناها في تأشيرة الإقامة المميزة عدم تحديدها لضرورة أن يكون العقار عقارًا واحدًا، بل ذكرت “عقارات”. وهكذا، فُتح الباب لأول مرة أمام المستثمرين الدوليين لشراء العقارات في السعودية بغرض التأجير، في جميع القطاعات. ومع ذلك، مع ارتفاع سعر العقار والشروط الأخرى المرتبطة به، كان عدد المستثمرين محدودًا للغاية. 

وأضاف دوراني أن الإعلان الأخير الذي يسمح للمستثمرين الدوليين بمزيد من الوصول يعتمد على هذه القواعد واللوائح القائمة، ومن المتوقع أن يعزز النشاط داخل هذه المناطق الاستثمارية.

“إنها خطوة مبدئية في اتجاه فتح السوق، وهي تعكس ما تم القيام به في أبو ظبي وسلطنة عمان عندما تم فتح هذين السوقين لأول مرة أمام المشترين الدوليين من خلال مناطق استثمارية محددة.”

التكامل مع إصلاحات الاستثمار الأوسع

يُكمّل قانون ملكية العقارات الإصلاحات الأخيرة الأخرى، لا سيما قانون الاستثمار المُحدّث الصادر في فبراير 2025 ، والذي وحّد أطر الاستثمار للمستثمرين السعوديين والأجانب، وسهّل إجراءات الترخيص، وعزز حماية المستثمرين. وتُهيئ هذه الإصلاحات مجتمعةً بيئةً أكثر جاذبيةً وتنافسيةً للاستثمار الأجنبي المباشر في مختلف القطاعات.

أكد هارمن دي يونغ، الشريك الإقليمي في قسم الاستراتيجية والاستشارات بشركة نايت فرانك السعودية، أن “تسارع أسعار المنازل في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية كان استثنائيًا، حيث ارتفعت أسعار الشقق في الرياض، على سبيل المثال، بنسبة تقارب 82% منذ عام 2019. ولم ترتفع الرواتب بنفس القدر، وهذا، إلى جانب تزايد الطلب على المساكن الإيجارية، بدأ في إبطاء معدل ارتفاع أسعار المنازل. ومن المرجح أن يقتصر قرار السماح للمشترين الدوليين بدخول أسواق العقارات في المملكة في مناطق استثمارية محددة على المشاريع العملاقة الكبرى، مما سيؤدي إلى خلق سوق ذي مستويين – أحدهما للمشترين الدوليين والآخر للمشترين المحليين. 

وأضاف دي يونج: “ونتيجة لذلك، من المرجح أن تتسارع الأسعار داخل مشاريع الجيجا بشكل أسرع من بقية السوق الأكثر شيوعًا”. 

موازنة المواهب العالمية والتوطين

في حديثه عن التأثير المحتمل على بيئة العمل في المملكة والطلب على الكفاءات الماهرة، صرّح خورام شهزاد، مدير شركة بروفن سوليوشنز، “إنه بلا شك تحولٌ جذري في السياسات، لذا من المرجح ألا نشهد موجةً واحدةً من الفرص، بل محفزاتٍ متعددة الطبقات عبر قطاعاتٍ متعددة. على المدى القصير، سيكون هناك ارتفاعٌ حادٌّ في الطلب على الكفاءات التقنية، وخاصةً تلك ذات الخبرة في مشاريع التطوير العقاري الفاخرة وواسعة النطاق”.

وأوضح أنه “مع إنشاء مناطق سكنية وتجارية جديدة، سيمتد هذا بطبيعة الحال ليشمل عمال البناء المهرة، ومتخصصي أنظمة البناء، وموظفي الخدمات اللوجستية. لكن تداعياته تتجاوز بكثير قطاع البناء. فهذه السياسة بحد ذاتها بمثابة دعوة للعالم للمشاركة في مستقبل المملكة الحضري، لذا من المتوقع أن يكون هناك طلب أكبر على الاستشارات العقارية، والخدمات القانونية، وإدارة الاستثمارات، وغيرها. وسيكون من ذوي الإلمام بقوانين العقارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية قيّمين بشكل خاص”.

لكن كل هذا يأتي مصحوبًا بضغطين رئيسيين. أولًا، الحاجة إلى استقطاب كفاءات عالمية متخصصة في المجالات ذات الصلة. ثانيًا، الحاجة المُلِحّة لتوطين الخبرات، إذ لا تزال السعودة أولوية وطنية. وللتوفيق بين هذين الأمرين، سنحتاج إلى المزيد من الشراكات الاستراتيجية بين الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص لبناء مسارات تدريبية خاصة بالقطاعات، تتسم بالتنافسية العالمية والتجذر المحلي، كما أكد.

الأسئلة الشائعة

متى يدخل قانون تملك الأجانب للعقارات حيز التنفيذ؟

 ومن المقرر أن يدخل القانون حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2026، بعد نشره في الجريدة الرسمية لأم القرى.

ما هي المناطق في السعودية التي يسمح للأجانب بتملك العقارات فيها بموجب النظام الجديد؟

يُسمح بالتملك الأجنبي في مناطق محددة، تشمل مبدئيًا الرياض وجدة. ويُسمح بالتملك في مكة المكرمة والمدينة المنورة بشروط تنظيمية إضافية.

هل هناك حدود أو شروط للاستثمار في العقارات الأجنبية؟

نعم. يجب على الشركات الأجنبية المستثمرة في تطوير العقارات استثمار ما لا يقل عن 30 مليون ريال سعودي، وإكمال التطوير خلال خمس سنوات. وتتطلب ملكية العمليات التجارية الحصول على التراخيص اللازمة.

كيف يؤثر هذا القانون على مواطني دول مجلس التعاون الخليجي؟

ويحتفظ مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي بحقوق الملكية على غرار المواطنين السعوديين، وفقاً لشروط التطوير والاستغلال، ولا يتأثرون بشكل مباشر بالقانون الجديد.

ما هي الهيئة التنظيمية التي تشرف على تنفيذ القانون الجديد؟

وتتولى الهيئة العامة للعقارات تحديد مناطق التملك وإصدار اللوائح التنفيذية لها، والتي سيتم نشرها للاستشارة العامة على منصة استملاك.

كيف يتوافق هذا القانون مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030؟

وتدعم رؤية 2030 من خلال جذب الاستثمار الأجنبي، وتنويع الاقتصاد، وزيادة المعروض من الإسكان، وتطوير قطاع العقارات كمجال رئيسي للنمو.

الكلمة الأخيرة

يُمثل قانون التملك العقاري في المملكة العربية السعودية لعام ٢٠٢٥ نقلة نوعية في السياسات، إذ يفتح سوق العقارات في المملكة أمام ملكية أجنبية أوسع ضمن إطار تنظيمي دقيق. ومن خلال تمكين غير السعوديين من التملك في مناطق محددة، ومواءمته مع إصلاحات الاستثمار الأوسع، يهدف القانون إلى جذب رؤوس الأموال الدولية، وتحفيز التنويع الاقتصادي، وتلبية الطلب على السكن. وستوفر اللوائح التنفيذية القادمة والمشاورات العامة مزيدًا من الوضوح، لكن الاتجاه واضح: تُرسّخ المملكة العربية السعودية مكانتها كوجهة استثمار عقاري أكثر انفتاحًا وتنافسية في الشرق الأوسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى